مبادرات إيجابية

العرائش تستعيد صوتها الفكري: ندوة تفتح أبواب التأمل والمسؤولية

عبد الفتاح نعوم ينير العرائش في لقاء فكري يلامس نصف قرن من الدبلوماسية المغربية

احتضن المركز الثقافي ليكسوس باب البحر بالعرائش، مساء السبت 15 نونبر 2025، محاضرة فكرية مميزة أطرها الكاتب والمحلل السياسي الدكتور عبد الفتاح نعوم، تحت عنوان: “من إنهاء الاستعمار إلى تصفية النزاع: محطات نصف قرن من الكفاح الدبلوماسي الوطني”.
لقاءٌ جاء في سياق الاحتفالات الوطنية بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة والذكرى السبعين لعيد الاستقلال، في لحظة يتجدد فيها حضور الوعي الوطني وتتجدد الحاجة إلى قراءة فكرية هادئة للمسار الدبلوماسي المغربي.

قدم المحاضرة الباحث محمد عزلي، الذي مهد بكلمات رصينة لهذه الجلسة الفكرية، قبل أن تنطلق فصول النقاش في قاعة غصّت بفاعلين ثقافيين وباحثين وطلبة ومهتمين بالشأن العام.
كان حضورهم امتداداً لفضول معرفي ورغبة صادقة في الاقتراب من التحولات التي عرفها ملف الوحدة الترابية، من مرحلة التحرير إلى مرحلة تثبيت المكتسبات وصناعة النفوذ الدبلوماسي.

وفي تصريح خصّ به موقع آفاق 24، قال الدكتور عبد الفتاح نعوم إن هذا اللقاء “ليس مجرد محاضرة، بل وقفة للتأمل في مسار دبلوماسي طويل استطاع فيه المغرب الانتقال من معركة إنهاء الاستعمار إلى لحظة تاريخية يتقدم فيها بثقة نحو ترسيخ شرعيته الدولية”. وأضاف بأن مدينة العرائش “تثبت اليوم تعطشها للفكر والنقاش المسؤول، وهو ما يعكس عمق هذا الفضاء الثقافي العريق ودوره المتجدد”.

أما الباحث محمد عزلي، فاعتبر في تصريحه للموقع أن اختيار الموضوع جاء استجابة لحاجة ملحة إلى “ربط الأجيال الجديدة بمسار الوطن في الدفاع عن وحدته الترابية، وتقديم قراءة مبنية على التحليل والتوثيق بعيداً عن الخطابات العابرة”.

من جهته، أبرز مدير المركز الثقافي بالعرائش، الأستاذ محمد العلالي، أن تنظيم هذه الندوة يدخل ضمن رؤية ثقافية تهدف إلى إشاعة الوعي الوطني وتعزيز حضور الفكر في المدينة، مؤكداً أن المركز يسعى إلى أن يكون فضاءً دائماً للحوار المسؤول واستضافة الكفاءات الفكرية الوطنية.

وقد تميزت الجلسة بمداخلات قوية ومركزة من الحضور، عكست اهتماماً حقيقياً بموضوع الندوة. وكانت إجابات الدكتور نعوم دقيقة وعميقة، تحمل بصمة أكاديمية واضحة وقدرة على الربط بين السياق التاريخي والتطورات الحالية. لحظة النقاش شكلت في حد ذاتها حواراً مفتوحاً بين الفكر والواقع، بين الأسئلة العميقة والرغبة في الفهم.

وفي ختام هذا اللقاء، تم تكريم الدكتور عبد الفتاح نعوم بدرع تقديري وشهادة اعتراف، قبل أن يلتف حوله الحضور لالتقاط صور تذكارية، في أجواء امتزج فيها التقدير بالفرح، والإحساس بأن العرائش كانت فعلاً أمام لحظة فكرية استثنائية.
لحظة أعادت التأكيد على أن المدينة، بتاريخها وعمقها الإنساني، قادرة على احتضان فكر جاد ورؤى تتجاوز المحلي إلى الوطني.

هكذا غادر القاعة، متكئاً على صدى كلماتٍ لم تكن مجرد أفكار عابرة، بل شراراتٍ أيقظت أسئلة قديمة وأطلقت أخرى جديدة، كلماتٌ امتدّ أثرها كخطّ دافئ في ذاكرة الحاضرين، تُذكّرهم بأن الفكر، مهما ضاقت الأزمنة، يظل قادراً على فتح نوافذ للمعنى، وعلى إعادة ترتيب ما تبعثر في الوعي العام.
تلك اللحظة لم تكن مجرد ختام لندوة فكرية ، بل شهادة حيّة على أن النقاش المسؤول ما يزال يجد طريقه، وعلى أن هذا الوطن يستحق وعياً يليق بحضارته، وتاريخه، وبالقلوب التي ما تزال تؤمن بأن الأفكار يمكنها، فعلاً، أن تغيّر شيئاً في هذا العالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى